الحق في المعلومة بعد دستور 2011 الفرص والاكراهات
فاس// صوت فاس البديل/ ادريس العادل.
تصوير و توضيب // محمد عادل البوعناني.
اجمع المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمه اتحاد جمعيات فاس المدينة اول امس السبت ،على ضرورة بث الوعي لدى المواطن من خلال هيات المجتمع المدني المؤطرة تاطيرا ينبني على الكفاءة ومحاربة كل أشكال الفساد ،على اعتبار أن قانون الحصول على المعلومة من شانه ان يوطد دعاءم الديمقراطية التشاركية، ويقوي مبادىء النزاهة والحكامة الجيدة للشأن المحلي والوطنية على حد سواء ، واجمعوا على ان الولوج إلى المعلومة ،يعد حقا من الحقوق والحريات الأساسية التي نص عليها الدستور، ولاسيما الفصل 27 منه.
واعتبارا للأهمية القصوى التي يكتسيها حق الحصول على المعلومات في تعميق الديمقراطية قيما ومبادئ وممارسة يأتي قانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات ليشكل ترجمة فعلية وملموسة لتنزيل مقتضيات الدستور ومتطلباته القانونية والمؤسساتية، وتعبيرا واضحا عن إرادة سياسية أكيدة تستجيب للحاجيات التي عبر عنها التطور الكمي والنوعي للإدارة والمجتمع من جهة، ومن جهة أخرى سيسهم هذا القانون بحظ أوفر في ترسيخ دولة الحق والقانون، وفي تقوية الصرح التشريعي وتعزيز اللبنات القانونية الأخرى التي وضعها المغرب على هذا المسار ب:
- إصدار قانون إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية.
- إصدار قانون حماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
- إحداث مؤسسة الأرشيف، مؤسسة الوسيط، المجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة.
كما يهدف هذا القانون إلى:
- تدعيم وتقوية البحث العلمي والحقل المعرفي.
- إشاعة ودعم قواعد الانفتاح والشفافية.
- تعزيز الثقة في علاقة الإدارة بالمتعاملين معها.
- ترسيخ الديمقراطية التشاركية.
- إرساء إجراءات كفيلة بتخليق الممارسة الإدارية.
- ضمان المصداقية والنزاهة في تدبير الشأن العام.
- فهم أفضل للإجراءات والمساطر الإدارية من لدن المواطنين وحماية حقوقهم.
- تنمية الوعي القانوني والإداري.
- جذب الاستثمار وتنشيط الاقتصاد.
فدسترة هذا الحق في الوثيقة الدستورية، جاء من أجل إعطاء نهضة قوية للمسار الديمقراطي الذي يعرفه المغرب، وذلك من خلال تمكين الرأي العام الوطني من إحدى الآليات المهمة في الممارسة الديمقراطية، ألا وهي الحصول على المعلومات، والتي بدونها يبقى المواطن خارج عن أية مشاركة في الحياة العامة.
ومعلوم ان دسترة هذا الحق لم تأتي من فراغ، وانما جاءت نتيجة نضالات لعدد من هيئات المجتمع المدني ، والاحزاب السياسية ، والإعلام ،وعدد من النشطاء في مجال حقوق الانسان، فالحق في الحصول على المعلومات كانت في صلب اهتمامات العديد من الجمعيات المغربية التي تشتغل في ميدان الشفافية ومحاربة الفساد والرشوة وتخليق الحياة العامة، معتبرة بأن هذا الحق يشكل أحد الأعمدة الأساسية لأي نظام وطني للنزاهة من جهة، ومن جهة أخرى أن هذا الحق مرتبط بالمجتمع الديمقراطي، الذي يتمتع فيه المواطن بحرية التعبير وبوسائل إعلام قوية وبإلزامية نشر المعلومات الإدارية .
وقد مكن صدور القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، من استكمال شروط انضمام المغرب إلى مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة، حيث تم الانضمام رسميا لهذه المبادرة بتاريخ 24 أبريل 2014، وتعتبر الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة مبادرة متعددة الأطراف تعتمد على التزام حكومات من مختلف دول العالم بمكافحة الرشوة وتنمية الولوج إلى التكنولوجيات الحديثة، وذلك في إطار الحكامة الجيدة، بالإضافة إلى تعزيز الديمقراطية التشاركية، وتحسين جودة الخدمات العمومية والمتجلية في شفافية الميزانية، وسهولة الحصول على المعلومات، والتصريح بممتلكات كبار الموظفين والمنتخبين وإشراك المواطنين في بلورة السياسات العمومية.
وعلى إثر هذا الانضمام، تم إعداد الخطة الوطنية للحكومة المنفتحة للمملكة المغربية، وتم نشرها على الموقع الرسمي لمبادرة الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة (OGP) بتاريخ 27 شتنبر 2018، والتي تضم
ثمانية عشر (18) إجراء في مجالات تتعلق بالولوج إلى المعلومة، والنزاهة ومكافحة الفساد وشفافية الميزانية، والمشاركة المواطنة، والتواصل والتحسيس بالحكومة المنفتحة، وتتضمن هذه الخطة خمس (05) إجراءات متعلقة بالحق في الحصول على المعلومات وهي كالتالي:
- تعزيز تحسيس المواطنين بالحق في الولوج إلى المعلومة.
- تنظيم دورات تكوينية لفائدة الموظفين المكلفين بتوفير المعلومات في الإدارات العمومية.
- تعزيز نشر البيانات المفتوحة (open data) وإعادة استعمالها.
- وضع آليات لتبادل البيانات ذات صلة بالبيئة (المراصد الوطنية للبيئة والتنمية المستدامة).
- إحداث بوابة خاصة بالشفافية.
ويشكل قانون الحق في الحصول على المعلومات رقم 31.13، محطة اساسية ومهمة في ترسيخ دولة الحق والقانون، وعاملا اساسيا لتحقيق الشفافية والمحاسبة للمؤسسات العمومية والهيئات المنتخبة، وتنزيلا فعليا لمقتضيات الدستور ، وتعبيرا صريحا عن ارادة سياسية تستجيب لحاجيات الادارة والمجتمع، كما انه سيعيد بناء جسر الثقة بين الادارة والمرتفقين وضمان مبدأ المواطنة المسؤولة المبنية على احترام فلسفة الحق والواجب، فالفساد وسوء الإدارة ينتعشان في ظل الحكومات الكتومة والبيئات المنغلقة، ولكن عندما يتمكن المواطنون فرادى أو من خلال منظمات المجتمع المدني من الولوج إلى المعلومات من خلال الإدارة المنفتحة فإن الفساد وسوء الإدارة سيتراجعان ومناخ الثقة والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي يزداد .
المداخلات القيمة التي تضمنها برنامج اليوم الدراسي ،اماطت الثام عن الجوانب القانونية من خلال المرجعيات الدولية والوطنية ،حيث افاض الدكتور محمد بوزلافة استاذ القانون الخاص ،والذي يشغل في نفس الوقت عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس،في بسط الارهاصات الأولية التي سبقت دستور 2011 المتعلقة بهذا الموضوع ،هذا الاخير الذي رسخ هذا الحق من خلال الفصل 27.كما تطرق إلى المواثيق الدولية من خلال الميثاق العالمي لحقوق الانسان ،والعهد الدولي وغيرهما من النصوص الدولية التي تسمو على القوانين الوطنية. ووقف مطولا عند القانون 31/13 محلالا مقتضياته ،والاحكام التي جاء بها معتبرا انه خطوة هامة في مسار التطور الإيجابي الذي تسير وفقه المملكة المغربية.
من جانبه تطرق الباحث في علم الاجتماع والتنمية، الاستاذ محمد الصفاوي ،لدور المجتمع المدني في تفعيل الحق في المعلومة ،حيث فلسف هذا الحق مشيرا إلى أن المملكة المغربية تسير وفق التطورات التي يعرفها العالم ،من خلال التشريعات التي تنظم العديد من المجالات ،وهذا امر محمود ، وعلى المجتمع المدني ان يترافع على هذه القضايا المجتمعية ،ومنها الحق في الولوج إلى المعلومة ،مقارنا كلمة الولوج إلى المعلومة في القانون المغربي ،بكلمة النفاذ إلى المعلومة في القانون التونسي ،وكلمة نفاذ ،في نظره ،هي اعمق من الولوج. مؤكدا على أن الحق في الولوج إلى المعلومة هو حق شمولي ولا يقبل التجزئة ،وهو ايضا حق اصيل ، والمهم هو تنزيل هذا القانون وغيره من القوانين ، على ارض الواقع ، وبالتعاقد المبني على الشفافية ،واعمال الديمقراطية التشاركية في انتاج القرار الشأن العام، والتفعيل انطلاقا من النجاعة والفعالية ،وقياس النجاعة والفعالية لهما معاييرها ، وعلى المجتمع المدني ان يتملك هذه المصفوفات ،حسب تعبيره، ومن التنزيل والتفعيل الى التقييم الذي هو النتيجة التي سيتحصلها المجتمع المدني من تلك القوانين.
الأستاذة سعاد التيالي،فاعلة جمعوية ،واستاذة بكلية الحقوق بفاس تطرقت إلى موضوع الحق في المعلومة كالية لمتابعة السياسات العمومية ،مستعرضة عدة جوانب في الموضوع ،بدءا لصناعة السياسات العمومية ،ومعايير تتبعها وتقييمها ،متحظثة ايضا عن الفاعلين في تقييم السياسات العمومية من الاعداد الى الاقرار.
اليوم الدراسي ،هذا ،والذي نظمه اتحاد جمعيات فاس المدينة ،كان ايضا مناسبة لفتح نقاش جدي وهادف من خلال الحضور الوازن لعدد من ممثلي جمعيات المجتمع المدني، ومنتخبين ،وباحثين ، ورجال اعلام ،وكان مناسبة لاحد الاعلاميين من الشقيقة العراق لبسط تجربة بلاده في هذا الموضوع ،مشيرا الى أن قانون الولوج إلى المعلومة في العراق ، لايزال يراوح مكانه في الرفوف ولم ير النور بعد ،ونوه بالتطور المتسارع في المملكة المغربية في هذا الباب ، وعلى كافة المستويات.
كما عبر الاستاذ علاء شاكر ،الذي يشغل رئيس تحرير لوكالة الرافد الإخبارية من العراق، وعضو منظمة حرية الرأي الإعلامية ،عن اعتزاره بالمشاركة في هذا اليوم الدراسي الذي بسط موضوعا راهنيا ،حيث اثرى الأساتذة المحاضرين هذا الموضوع ،واحاطوا بكل جوانبه التشريعية والممارساتية.
تدخلات الحاضرين اغنت النقاش ، وتفاعلت بشكل كبير ما ما بسطه الأساتذة خلال هذا اليوم الذي يدخل في توعية المجتمع المدني ،وهو ما دار علي اتحاد جمعيات فاس المدينة منذ تأسيسه الى اليوم.
الدكتور عبد الحق برني رئيس اتحاد جمعيات فاس المدينة، أكد لنا بأن الاهداف المتوخاة من هذا اليوم الدراسي ،تتمثل في ،تمكين الفاعلين المحليين،وخصوصا النساء من المعارف والكيفيات لطلب المعلومات التي هي بحوزة الجماعات الترابية ،وتحسيس المنتخبين المحليين بأهمية الولوج إلى المعلومة كالية من آليات متابعة السياسات الجماعية،واخيرا تمكين الفاعلين المحليين من ادوات الترافع من اجل حماية حق الولوج إلى المعلومة ،مع ادراكهم لأهمية المعلومات في تحقيق دولة الحق والقانون.