سنة 2015 تشهد النزيف الثقافي لرحيل مثقفين عرب بارزين…
الرباط/صوت فاس البديل
سنة 2015 تشهد النزيف الثقافي
لرحيل مثقفين عرب بارزين…
شهد عام 2015 رحيل عدد من أبرز المثقفين العرب. وربما يحمل 2015 لقب “عام النزيف الثقافي”،حيث أغلب الكتاب الراحلين تمتعوا بثقافة موسوعية وكانوا قامات مرموقة سواء على خريطة العالم العربي أو خارجها ومنهم الكاتب المصري سليمان فياض الذي توفي في شباط عن 86 عاما تاركا عشرات الكتب في الدراسات اللغوية والقواميس العربية وتطوير قواعد النحو.
وحسب وكالة رويرترز فان لفياض إبداعات في القصة القصيرة والرواية فضلا عن التأريخ لأعلام العرب، منهم ابن النفيس وابن الهيثم وابن بطوطة والبيروني وجابر بن حيان وابن البيطار وابن سينا وابن رشد والفارابي والخوارزمي والإدريسي والدميري وابن ماجد والقزويني والجاحظ وابن خلدون.
وفي الشهر عينه، توفيت الروائية والسينمائية الجزائرية آسيا جبار عن 79 عاما في مستشفى بباريس حيث عاشت وحققت حضورا لافتا برواياتها التي كتبتها بالفرنسية إضافة إلى فيلمين سينمائيين هما “نوبة نساء جبل شنوة” (1977)، و”الزردة وأغاني النسيان” (1982).
وانشغلت آسيا جبار بقضايا المرأة وانتخبت لعضوية أكاديمية اللغة الفرنسية عام 2005 كأول امرأة عربية تتبوأ ذلك المكان، كما كانت ضمن المرشحين لجائزة نوبل الآداب.
من المنشغلات أيضا بقضايا المرأة الراحلات عن عالمنا في 2015 عالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي التي كرست جهودها لإنجاز مشروع فكري عن حقوق المرأة حتى وفاتها في تشرين الثاني عن 75 عاما.
درست السيدة المرنيسي في المغرب وفرنسا وأميركا ثم عادت إلى بلادها لتدريس علم الاجتماع في جامعة محمد الخامس بالرباط وكانت أكثر صرامة في تناول قضايا المرأة في مؤلفات منها “ما وراء الحجاب)” و”أحلام النساء الحريم… حكايات طفولة الحريم” و”الحجاب والنخبة الذكورية” و”الخوف من الحداثة.. الإسلام والديموقراطية” و”شهرزاد ترحل إلى الغرب”.
ومن الراحلين الشاعر السوداني المقيم بالمغرب محمد الفيتوري الذي توفي في نيسان عن 79 عاما بأحد مستشفيات الرباط بعد معاناة مع المرض.
لقب الفيتوري بشاعر أفريقيا والعروبة وهو من رواد الشعر الحديث حيث ارتبط شعره بنضال عدد من الدول الأفريقية ضد المستعمر. وأسقطت عنه الحكومة السودانية الجنسية وسحبت منه جواز سفره عام 1974 بسبب معارضته لنظام جعفر النميري لكنها أعادت له الجنسية ومنحته جواز سفر ديبلوماسياً عام 2014.
وفي الولايات المتحدة، توفي في أيلول الكاتب المصري إيهاب حسن عن 90 عاما دون صخب أو اهتمام يليق بمكانته وشهرته التي حققها في الغرب حيث كان يكتب باللغة الإنكليزية.
وكان الناقد السينمائي المصري سمير فريد كتب في مقال في نهاية آب 2015 أنه دخل مكتبة في نيويورك عام 1997 وجذب انتباهه رف باسم الكاتب إيهاب حسن وأدهشه “عدم ترجمة أي كتاب من كتبه إلى اللغة العربية”.
وأضاف: “وقد كان بالقرب من رف إيهاب حسن -وهو مصري ولد في القاهرة عام 1925- رف كتب إدوارد سعيد، وكلاهما هاجر إلى أميركا باختياره وكلاهما أصبح من كبار نقاد الأدب والمفكرين بل إن حسن يعتبر من أوائل المنظرين لتيار ما بعد الحداثة في العالم” بعد الاستقرار في أميركا منذ عام 1946.
وكتاب “دورة ما بعد الحداثة” الوحيد الذي ترجم إلى العربية من بين أعمال إيهاب حسن وترجمه في الآونة الأخيرة الشاعر المصري محمد عيد إبراهيم الذي قال إنه “أول من نبه إلى الرجل (حسن) في الثقافة المصرية” منذ عام 1992 حين ترجم مقالات له بمجلات مصرية مضيفا أن شهرته في الخارج بلغت الآفاق “إلا أنه لم ينل حظا عربياً، وترجمت كتبه لمعظم اللغات ما عدا العربية”.
وفي الشهر الجاري رحل الكاتب المصري إدوار الخراط عن 89 عاما ليغيب كاتب غزير الإنتاج موسوعي الثقافة لم يترك مجالا إلا أسهم فيه بنصيب من الترجمة إلى الرواية والقصة القصيرة والنقد الأدبي والنقد التشكيلي والشعر والتصوير أيضا.
ولم يتعرض أغلب الراحلين في عام 2015 لأزمات صحية طويلة ولكن الكاتب المصري جمال الغيطاني توفي في تشرين الأول عن 70 عاما بعد دخوله غيبوبة استمرت أكثر من شهرين تاركا نحو 50 كتابا في القصة القصيرة والرواية وأدب الرحلات وأدب الحرب والتأريخ لأماكن تاريخية وأثرية والسير الخاصة بأعلام منهم توفيق الحكيم ونجيب محفوظ.
وبعيداً من الأضواء المسلطة على مراكز إنتاج الثقافة العربية توفي الروائي والباحث البحريني خالد البسام عن 59 عاما في صمت لا يتناسب مع إنجازه في الرواية والتأريخ للثقافة والفنون في الخليج في كتب، منها “يا زمان الخليج” و”كلنا فداك… البحرين والقضية الفلسطينية 1917-1948″، و”تلك الأيام.. حكايات وصور من بدايات البحرين”، و”القوافل” الذي رصد فيه تأثير رحلات الإرساليات الأميركية في مدن الخليج والجزيرة العربية بين عامي 1901 و1926 على الحياة الاجتماعية والثقافية.