من تنظيم المندوبية الجهوية للصناعة التقليدية ومنظمة الايسيسكو والمديرية الجهوية للثقافة

فاس / صوت فاس البديل / ادريس العادل

تصوير // محمد عادل البوعناني

من تنظيم المندوبية الجهوية للصناعة التقليدية ومنظمة الايسيسكو والمديرية الجهوية للثقافة :

ورشة عمل وطنية حول موضوع الحماية القانونية للمعارف التقليدية ودمجها في مجتمع واقتصاد المعرفة

نقطة ضوء مشعة، تلك التي أنارت القاعة الكبرى للإجتماعات التابعة للمديرية الجهوية للصناعة التقليدية بفاس، وحضرها فاعلون في قطاعات الصناعة التقليدية، ومثقفون وأكاديميون ومختصون إلى جانب ثلثه من المهنيين في مجالات الهندسة المعمارية والزخرف.

هذا الحدث المتميز، الذي نظمته المديرية الجهوية للصناعة التقليدية والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) والمديرية الجهوية للثقافة، تمحور حول موضوع الحماية القانونية للمعارف التقليدية ودمجها في مجتمع واقتصاد المعرفة. وهو موضوع راهني، كما أكد على ذلك السيد عبد الرحيم بلخياط المدير الجهوي للصناعة التقليدية خلال افتتاح هذه الورشة، معتبرا أن هذه الورشة تهدف إلى إبراز دور الملكية الفكرية في الحماية القانونية للمعارف التقليدية والمساهمة في وضع آليات وطنية لتطبيق القوانين والتنظيم، المتعلقة بالملكية الفكرية في استغلال المعارف التقليدية، والمساهمة في إيجاد آليات عملية لحماية هذه المعارف وضمان استمراريتها وزيادة الوعي بدور هذه المعارف في الازدهار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية المستدامة وتحسين معايير إنتاجات المعارف التقليدية وجودتها.

وحدد السيد بلخياط، المحورين اللذين ستناقشهما هذه الورشة، أولها دور المعارف التقليدية في مجتمع واقتصاد المعرفة وسبل تحقيق الحماية القانونية لها وضمان استمراريتها وأدوارها الاقتصادية والاجتماعية، ثانيها حماية حقوق المؤلف وارتباطها بالحماية القانونية للمعارف التقليدية، مذكرا بالمجهودات التي بذلها أطر الثالوث المنظم

لهذه التظاهرة وإسهامات المختصين كل من زاويته، شاكرا منظمة الإيسيسكو على هذا التعاون المتميز والبناء خدمة لهذا الجانب الهام والذي يعد جزءا كبيرا في منظومة الأصالة المغربية.

كلمة السيدة سعدى ماء العينين ممثلة منظمة الإيسيسكو، أشارت إلى أن الجانب بالغ الأهمية في المعارف التقليدية، يكمن في أنها تقليدية بالنظر فقط إلى إبداعها والانتفاع بها هما جزء من التقاليد الثقافية للمجتمعات المحلية، ومن تم فإن نعت المعارف بأنها تقليدية لا يعني بالضرورة أنها قديمة، فالمعارف تبتكر كل يوم، وتتطور استجابة من الأفراد والمجتمعات المحلية التي يطرحها محيطهم الاجتماعي، وعند الانتفاع بها تصبح المعارف التقليدية هي أيضا معارف معاصرة، وهذا الجانب هو مبرر إضافي للحماية القانونية، والمطلوب، تضيف الأستاذة سعدى، ليس فقط وضع نظام لتوثيق المعارف التقليدية التي تم إبداعها في الماضي وصونها من الاندثار، لكن من المهم أيضا التفكير في نظام يساهم في نشر الابتكارات القائمة على أساس الانتفاع المتواصل بالتقاليد والنهوض بها.

لذلك، فإن منظمة الإيسيسكو، ركزت في خطط عملها المتوالية على أهمية الاستثمار الأمثل للمعارف التقليدية في معالجة القضايا الاجتماعية، وتنمية المجتمعات المحلية والأقاليم، ومن هنا تبرز أهمية دمجها في اقتصاد ومجتمع المعرفة الذي قد يساهم لا محالة في تنميتها وتكييفها مع الاحتياجات المحلية.

وزادت السيدة سعدي في كلمتها، بأن منظمة الإيسيسكو أصدرت في هذا المجال دراسة ميدانية تبين أنه في إفريقيا، على سبيل المثال، أصبحت المعارف والمهارات التقليدية رهانا اقتصاديا يرتبط باستغلال الموارد الجينية، والطب التقليدي، وشكلت هذه الدراسة ضمن خطة العمل الحالية، مرجعا للأنشطة التي تم تنفيذها بهدف توعية الدوائر الحكومية بضرورة أخذ المعارف والمهارات التقليدية بعين الاعتبار عند وضع سياسات التنمية وخططها.

واختتمت كلمتها بضرورة حشد الطاقات، وتعبئة الكفاءات التي تزخر بها المملكة المغربية، عبر إنشاء شبكة تواصل بين الحرفيين والقانونيين والباحثين والمستثمرين لمواكبة الجهود الوطنية المبذولة في مسيرة التنمية المستدامة.

من جهته عبر السيد لحسن الشرفي المدير الجهوي لوزارة الثقافة عن امتنانه وشكره للمنظمة ودعمها لهذا النشاط إلى جانب وزارة الصناعة التقليدية ووزارة الثقافة، من خلال الأهداف التي رسمتها منظمة الإيسيسكو والمتمثلة في إبراز دور الملكية الفكرية والحماية القانونية للمعارف التقليدية والمساهمة في وضع آليات وطنية لتطبيق القوانين والنظم المتعلقة بالملكية الفكرية في استغلال هذه المعارف والمساهمة في إيجاد آليات عملية لحمايتها.

كما اعتبر أن المعارف التقليدية سواء كانت مادية أو لا مادية، فهي ترمز وتعبر عن ما أبدعه الإنسان عبر التاريخ وما خلفه ويخلفه من إرث ثقافي إنساني، يتطلب حمايته وتوثيقه وتثمينه، ودور هذه الورشة يختم السيد المدير، هو محاولة لوضع الآليات القانونية التي تساعد على حفظ وحماية ذاكرة الشعوب من الضياع والنسيان وبالتالي تشويه تاريخ الشعوب والأمم.

وعن مجهودات وزارة الصناعة التقليدية، والاقتصاد الاجتماعي، تحدث السيد علال بيلغة على الأدوار التي تلعبها الوزارة في تنظيم الحرف، ووضع العلامات المميزة لها لتحتفظ بطابعها وتجسد الزمان والمكان اللذين وجدت فيهما. كما استعرض بعض أوجه التعاون مع بعض الدول الأروبية في هذا الباب، والتي أنارت الطريق لأطر الوزارة في مجال الصون والمحافظة على الحرف التقليدية لتبقى شامخة ومشعة للحضارة المغربية الأصيلة.

 أشغال الورشتين، أولاه أطرها باقتدار كبير الأستاذ عبد الكريم قرمان مستشار وزير الثقافة المغربي، والذي غاص في أعماق المعارف والسبل الكفيلة بجعل هذه المعارف قاطرة للتنمية على اعتبار أن الثقافة هي القاطرة الأساسية التي تجر الاقتصاد وغيره من القطاعات.

أما الورشة الثانية فقد أطرها الأستاذ عبد الحميد أخريف والذي تميز بدوره خلال مداخلته القيمة في هذا الموضوع… حيث طبع التكامل الورشتين معا.

تبقى الإشارة إلى العرض القيم الذي ألقاه مندوب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بفاس، والذي تحدث فيه عن الوقف والحبس ومراميهما ومدى مساهمتها في إغناء المورث والحضاري لبلادنا باعتبارهما تراثا ماديا ولا ماديا يجب التأمل فيه أكثر وبعمق.

الورشة دامت حتى حدود الساعة الخامسة والنصف من خلال التدخلات التي أغنت كل المداخلات وتمخضت عن عدة توصيات سنعود إليها بتفصيل.

وجدير بالذكر، بأن المنظمين، منحوا شواهد للمشاركين في هذه الورشة والذين تعدى عددهم ال 60 ماركة ومشاركا من مختلف القطاعات الحيوية بفاس وخارجها.