
وفاة قيدوم المسرحيين المغاربة الطيب الصديقي عن عمر يناهز79 سنة إن لله وإنا إليه راجعون
الرباط – صوت فاس البديل
ثورية بوبكري
وفاة قيدوم المسرحيين المغاربة الطيب الصديقي
إن لله وإنا إليه راجعون
انتقل إلى دار البقاء قيدوم المسرح المغربي والفنان الطيب الصديقي، الذي كان يعاني من مرض ألم به مؤخرا. وقد سبق لزوجة الراحل ” أمينة الصديقي ” أن صرحت بكون زوجها قد تعرض نهاية الشهر الفائت لنزول جد حاد في السكري الذي كان مصابا به منذ مدة رافضا إتباع الحمية التي أوصاه بها دكتوره المعالج . وذكرت مصادر مأذونة , أن الملك قد أمر طاقما طبيا بالمستشفى العسكري بالرباط مرفوقا بمعدات طبية ، من أجل التنقل إلى المصحة المذكورة حيث يرقد الراحل الصديقي الذي تفاقم وضعه الصحي بشكل ملموس منذ ولوجه المصحة الأسبوع الماضي ، وطلب من الممثلة ثريا جبران ” السعدية قريطيف ” وزيرة الثقافة السابقة التي كانت تلازم عائلة الطيب الصديقي ، بأن يعدلوا عن فكرة إرجاع الراحل إلى بيته بعد يأسهم من علاجه ، واستكمال علاجه بالمصحة ، لكن كانت كلمة الله الفصل ، وقد ولد المشمول برحمة الله الطيب الصديقي سنة 1937 و هو عميد المسرح المغربي بامتياز ويعتبر كذلك من أشهر المسرحيين العرب و توفي اليوم 5 من فبراير عام 2016 عن عمر يناهز79 سنة في مصحة بالدار البيضاء .
و الطيب بن محمد سعيد الصديقي كان أبوه عالما وفقيها ومفتياً، رحل إلى الدار البيضاء من بلدته الصويرة ليلتحق بإحدى مدارسها الثانوية الإسلامية ، ذهب بعدها في دورة تدريبية إلى فرنسا بمهمة العمل في اللاسلكي بالبريد. بعدها توقف عن مزاولة هذه المهنة، ثم أخذ يتدرب على فن الهندسة المسرحية، التقى هنا بأسماء لامعة فيما بعد بالمسرح المغربي مثل أحمد الطيب العلج، ومحمد عفيفي وخديجة جمال وغيرهم. قام بأول دور مسرحي”جحا“ للفرقة الأولى المحترفة التي تسمى”المسرح المركزي المغربي للأبحاث المسرحية التابعة للشبيبة والرياضة“ ثم اشتغل في مسرح تجريبي صغير يسمى”مسرح البراكة “ الذي انبثقت منه فيما بعد”فرقة المسرح المغربي “ ثم اشترك بمسرحيتين هما:”عمايل جحا “ المقتبسة عن”حيل سكابان “لمولير، ومسرحية”الشطارة “ ” وصف النقد الفرنسي والانجليزي الطيب الصديقي بأحسن ممثل أجنبي خاصة حين شوهد في مسرحية باريسية“ فامتاز آنذاك وظهر نبوغه في هذا المجال والتقى أعمالا مسرحية تقدمية مهمة ساعدته على المضي أكثر في هذا الصدد مثل هوبيرجينيو ومن بعد جان فيلار.
و قد حصل على الباكالوريا بالدار البيضاء، في سنة 1956 شارك بمسرحية «عمايل جحا» بباريس بعد أول تكوين له، ثم بدأ بالتمثيل حيث كون فرقة «المسرح العمالي» سنة 1957 بالدار البيضاء، وقدم باسمها مسرحية «الوارث» من اقتباس أحمد الطيب العلج، وبعدها «بين يوم وليلة» لتوفيق الحكيم، ومسرحية «المفتش» المقتبسة عن غوغول سنة 1958، ثم «الجنس اللطيف» من اقتباسه عن «برلمان النساء» لأريستو فان، وبهذا تكون هي آخر مسرحية في إطار «المسرح العمالي»، بعدما قدم فكرة مختزلة عن المسرح الغربي، باقتباسه أعمالا في مستوى عالي من الجودة. في سنة 1960 وبعد عودته من فرنسا ثانية، اقتبس وأخرج مسرحية «فولبون» لبن جونسون، بعدها وبطلب من مدير المسرح البلدي بالدار البيضاء «روجي سيليسي» كون فرقة سميت بفرقة المسرح البلدي، انتسابا للمكان، وقدم أول عرض بعنوان «الحسناء»، وبعد تقديم عروض كثيرة أخرى، اشتغل على اقتباس من الروائع العالمية، منها مسرحية «في انتظار كودو» ل(صامويل بيكيت)، ليخرج بعمل بنفحة مغربية تحت عنوان «في انتظار مبروك»، إلى جانب أعمال يطول حصرها. في سنة 1965 عين الصديقي مديرا للمسرح البلدي بالدار البيضاء، فكانت بداية لظهورمسرحية من تأليف عبد الصمد الكنفاوي تحت عنوان «سلطان الطلبة» التي اعتمد فيها على الثقافة المغربية في بعدها التراثي، مضيفا إليها عددا من الإنتاجات الخالدة التي تسير في نفس السياق، وعلى سبيل الذكر لا الحصر: «ديوان عبد الرحمان المجدوب»، «بديع الزمان الهمداني»، «الفيل والسراويل»، «جنان الشيبة»، «الشامات السبع»، «قفطان الحب» و«خلقنا لنتفاهم» هذه المسرحية الأخيرة التي (كان لي شرف إنجاز ديكور بعض المشاهد منها سنة 1995).
لم يقف عطاء وإبداع الطيب الصديقي عند هذا الحد، بل كان له اهتمام بالمجال السينمائي كذلك من خلال شريطه «الزفت» كما يرجع له الفضل في تقديم أسماء مغمورة، قبل أن تمتهن الغناء، لتصبح معروفة باسم (ناس الغيوان)، ولم يكن لي سابق معرفة بانشغالاته التشكيلية، إلا حين طلب مني في بداية التسعينيات، استنساخ عدد من لوحاته الفنية عن طريق تقنية السيريغرافيا،التي اتخذت من الخط موضوعا لها.
ورحل الصديقي رائد المسرح المغربي بامتياز وسط الحديث عن إهماله من لدن من كان قنطرة لهم صوب عالم النجومية المسرحية ، وتنكر العديد من الأصدقاء.إنا لله وإنا إليه راجعون.