
على هامش الدورة الخامسة عشر لمهرجان فاس للثقافة الصوفية: تلاقح بين الحضارات الإنسانية وحديقة جنان السبيل التاريخية شاهدة على ذلك !!!
فاس // صوت فاس البديل / ادريس العادل
ع.البوعناني
تعيش مدينة فاس ،العاصمة الروحية للمملكة خلال اسبوع(29/22 اكتوبر 2022) بالكمال والتمام ،اجواء روحانية تتمثل في اللوحات الرائعة التي انطلقت مع فعاليات الدورة الخامسة عشر من مهرجان فاس للثقافة الصوفية ،هذا المهرجان الذي دابا على تنظيمه مؤسسة الثقافة الصوفية التي يراسها الاستاذ فوزي الصقلي ،بعد توقف اضطراري سببته جائحة كرونا التي ارخت بظلالها على العالم اجمع ،وخنقت انفاس البشر في البر والبحر والجو.ومع انفراج هذه الأزمة الصحية بدات الحياة تدب في اوصال الإنسانية جمعاء.وهذه الحركية ايقظت العالم ليستعيد حيويته في جوانبها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية بالرغم من الاكراهات الاقتصادية التي تعرفها أغلب بلدان العالم جراء الحرب الدائرة رحاها باكرانيا .
في سياق عالم مضطرب ،يزرع الأمل في العديد من اركان المعمور.ويابى المنظمون الا ان ينيروا دروب وازقة فاس بفوانيس روحانية تجعل منها قبلة لاحتضان حضارات انسانية ،تتلاقح من خلال تنوع المشاركين من فرق موسيقية صوفية، ومفكرين وعلماء يؤثثون في فضاء المدرسة البوعنانية التاريخية للفكر الصوفي من خلال عروضهم وابحاثهم العلمية في الصوفية وفرقها ،وتاثيراتها في الحضارات المختلفةعبر العالم .وعلى ذكر المدرسة البوعنانية ،نستحضر التاريخ المجيد لهذا الصرح الفكري والثقافي الذي كان ياوي الطلبة الذين كانوا يدرسون بالحاضرة الادريسية،اسسها ابو عنان المريني اواسط القرن الرابع عشر الميلادي،وتشتهر بساعتها الرملية،وتعد معماراتتشكل فيه كل أنواع الفسيفساء،والزخرفة ،والخشب المنقوش وكلها دلائل على عبقرية الصانع التقليدي المغربي عبر التاريخ.
هذا الاختيار لهذا الصرح المعماري والثقافي له اكثر من دلالة غايته ان يكتشف المشاركون في هذا المهرجان روعة المكان لاستحضار الزمان.
برنامج هذه الدورة جاء متنوعا تلتقي فيه الطرق الصوفية المغربية ،القادرية البوتشيشية ،والصقلية ،والوزانية،والريسونية بالماستر كلاس ،وبالموسيقى الهندوسية ،وانغام من التراث اليهودي(بيوتيم) ،والرقصات الهندية المشهورة،واغاني المديح و السماع.
والتنوع يشمل ايضا ،المعرض المرتبط بالتصوف ، للويز كارا تحت عنوان :”بردة المستيقظين”.بمركز نجوم المدينة….
يقول الدكتور فوزي الصقلي رئيس المهرجان في كلمته التقديمية للدورة الخامسة عشر،والتي هي مهداة لروح الشريف مولاي عبد الله الوزاني ،تحت شعار :”الوجد والمعرفة”….يقول فوزي:”….. يعتبر التصوف على وجه الخصوص اكثر العلوم اهتماما بتلك الحياة الداخلية التي تحرمنا وتوجهنا في حياتنا اكثر من اختياراتنا المعقلنة……وهكذا يقدم التصوف لنا نفسه على انه علم يهتم “بالاحوال الباطنية”،الذي يهدف فقط الى فهم ذلك الانصهار الكبير العواطف التي تسكننا،ولكن ايضا يقوم بتحويل هذه الأخيرة من خلال كمياء الرحلة الروحية الداخلية وجعلها بالتالي صفات ومزايا معاشة……..وبالتاكيد ،يضيف الدكتور فوزي ،يمكن لهذا الوجد الروحي ان يثير معرفتنا وبحثنا العلمي بسبب تواردات وتلاقحات جديدة بين البعد العلمي والبعد الروحي في وقتنا الحاضر…….وعلى عكس الضمير الأخلاقي الذي ابان عن عجزه ،ومحدوديته، يمكن ان ننهل من هذا الضمير الوجداني الحي الموارد المعرفية اللازمة لمواكبة العلوم والتقنيات حتى لا تؤدي بنا ، اذا تركت لوحدها الى خراب محتمل لانسانيتنا ومحيطها الحيوي…..
اما المديرة الفنية ومديرة البرامج ،كارول لطيفة امير،في كلمتها التقديمية للمهرجان ،فقد انطلقت من مقولة الصوفي الكبير “جلال الدين الرومي”،من كتابه “المثنوي”،والتي تعتبر (المقولة)اكثر من بليغة يجب التوقف عندها لانها موجة الى الجميع: عموم الناس،والعلماء، والخبراء وذووا الاختصاص ….الى ان تقول:” ان اعظم المعرفة هي معرفة الذات”بدليل مقولة جلال الدين الرومي:” اذا لم تستطع المعرفة أن تمحو الأنانية…..فإن الجهل افضل.”
ويستمر اشعاع المهرجان الى غاية التاسع والعشرين من شهر اكتوبر ،منفتحا على كل فئات ،وشرائح المجتمع.
الوجه الاخر لهذا المهرجان
الحركية الاقتصادية الدائبة التي تعرفها المدينة العتيقة ،انطلاقا من جنان السبيل ،وباب ابي الجنود،والبوعنانية،مرورا باحياء الطالعة الصغيرة ،والطالعة الكبيرة ودروب المدينة ،حركية تجارية تمس كل أصناف التجارة ،وهذا وجه اخر من أوجه الخدمات التي يقدمها المهرجان ،الذي بعث الروح من جديد في اوصال المدينة القديمة بامتياز.
وللفائدة ننشر فقرات هذه الدورة وبرنامجها الكامل،انطلاقا من التواصل الذي لمسناه في المنظمين الذين سهلوا مامورية رجال الاعلام للقيام بمهامهم النبيلة على احسن وجه ،وعلى رأسهم رئيس المهرجان ،مشكورا الدكتور فوزي الصقلي.