انطلاق فعاليات مهرجان فاس للثقافة الصوفية في دورته 12
فاس \\ صوت فاس البديل
انطلقت فعاليات الدورة 12 لمهرجان فاس للثقافة الصوفية،التي تنظم هذه السنة تحت شعار:الثقافة الصوفية من اجل إنسانية روحية في وقتنا الحاضر.،وتستمر هذه الدورة الى غاية 26 اكتوبر الجاري،حيث اختار المنظمون اقامتها بالحديقة التاريخية بفاس :جنان السبيل..
يقول الاستاذ فوزي الصقلي المؤسس و المدير العام للمهرجان ،بان الجمع بين مفهوم النزعة الإنسانية ،والمنهج الروحي ذلك هو الخيار الاصعب الذي ارتاى ان ينهجه في هذا الموسم مهرجان فاس للثقافة الصوفية .ويضيف ،قد يبدو الامر غريبا لا سيما وان المفهوم الاول يحيل في الثقافة الغربية منذ القرن الرابع عشر الميلادي ،وخاصة القرنين 18و19، على حركة فكرية كانت تنشد التحرر من الاوامر المتعالية للدين والمقدس.
وغني عن البيان، ان تلك الحركة،انخرطت على شاكلتها في جدل قديم في الغرب كما في الشرق، بين الايمان والعقل،وبين الدين والسياسة، بين الحرية والتعالي، غير أن الأجوبة الفلسفية التي انخفضت عن ذلك الجدل،في هذه الحقبة،لم تكن من البراءة بمكان، كما قد يتوهم الكثيرون، بل كانت تحمل في طياتها وعدا بحضارة منشودة ،وهكذا اكتسحت العالم مبادىء العقلانية، والديمقراطية، وحقوق الانسان ،بل والليبرالية ايضا حسب البعض.
لكن يضيف الاستاذ الصقلي،وبقدر ما كانت تحقق من نجاحات باهرة،،فان تلك المفاهيم،اوجلها ،استحالت فجأةالى رسومات ساخرة ،فاضطرت إثر ذلك إلى إعادة التفكير في ذاتها ،ليس لما تحمله البشرية من ايجابيات،بل ،وتلك هي المفارقة الكبرى ،لانها بافتقادها الى الجانب الروحي،امست عرضة للسكك ،ولشتى انواع الاستعمالات المغرضة.
ويسترسل رئيس المهرجان ،بالقول ،بانه يكفي ان نفكر قليلا فيما يخبءه لنا ما يقدم الينا على انه الطريق الى المستقبل والتقدم، الذي لا مندوحة منه، او تلك النزعة عبر -انسانية التي لست في نهاية المطاف الا الدرجة الصفر من الوجدان او الإشادة بالحياة.
فهل سياتي المنهج الروحي اذن لانقاذ النزعة الانسانية؟ والسؤال يبقى مفتوحا. ،بيظ ان العلاقة الغير متوقعة بينهما قد تكون على قدرما من الخصوبة،لا سيما في عصر تعرف فيه الديانات بدورها انحرافات نحو تعصب وشكلانية متحجرة تتنكر للقيم الإنسانية الأساسية.
ويهتم الاستاذ الصقلي،بان الجمع بين البعد الانساني والبعيد الروحي ،هو المطمح لمعالجتها من خلال الثقافة الصوفية التي لا شك انها يتمكن من انتهاج سياسة تكون بمثابة فن للحياة، مع الانفتاح على الثروات اللامادي لعمقنا الانساني،ومن الاحترام البديهي لتعدد الديانات والثقافات،ومن الجمع بطريقة لا تخلو من خصوبة بين المعرفة الروحية،والاحتفاء الشاعري ببيءتنا وبانسانيتنا اللتين يجدر بنا الحفاظ عليهما.
اننا نتطلع الى مقاربة روحية لا تتعارض البتة ومكتسبات النزعة الانسانية،بل تمد هذه الأخيرة بنفس جديد، وتمنحها المعنى والعنف اللذين ما فتءت تصبو اليهما ،وبذلك تساهم الثقافة الصوفية، وبمعية روحيات العالم الاخرى،بدورها في تشييد حضارة ممكنة يرجى منها ان تكون اكثر احتفاء بالانسانية وبعدها الروحي.
المهرجان بفقراته الفنية المتنوعة،من خلال الطرق الصوفية،المتنثلة في الطريقة الريسونية،والطريقة البوتشيشية ، والطريقة الشرقاوية ،والطريقة الصقيليةوالخلواتية،والطريقة الوزانية،ومجموعة ابن عربي برئاسة أحمد لخليع،وحفل ختامي متميز، وهو عبارة عن ابداع فني يحمل عنوان “نفحات الطيب”،مع فاطمة الزهراء القرطبي من المغرب ،وفرزانة جورابشي من ايران ،وفرحات اغوزكورك منتركيا ،ووالدراويش المواريت،وامال عيوش وليلى انفار،وغيرهم تحت رئاسة فنية لكاروللطيفة امير،وهي العروض التي ستقام بحديقة جنان السبيل.
والى جانب العروض الفنية،هناك موائد مستديرة تناقش موضوع هذا الدورة،منها الثقافة الصوفية. كنمط فني للحياة، والتحديات الاجتماعية والروحية امام الذكاء الصناعي ،وروح فاس والثقافة الصوفية ، ومن اجل إنسانية روحية في وقتنا الحاضر ،والاديان وحقوق الانسان،وهي العروض التي ستحتضنها مدرسة البوعنانية التاريخية وهو ما يعني عودة الحياة لهذا الإرث التاريخي اللامادي…وغيرها من العروض الهامة بمشاركة مفكرين وفلاسفة وعلماء من مختلف اقطار العالم.. الدورة تغري اكثر فلننتبه الى هذا الثراء الفكري المتميز. والذي لايجب ان نمر عليه مرور الكرام.