جامعة سيدي محمد بن عبد الله تناقش الاخلاقيات في العلوم والممارسات المهنية .
فاس // صوت فاس البديل / ادريس العادل.
قال رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله الاستاذ رضوان مرابط في افتتاح ندوة”الأخلاقيات في العلوم والممارسات المهنية” التي نظمتها الجامعة يوم الاثنين الاخير
بمركز الندوات والتكوين ،التابع للجامعة ، بأن هذا اللقاء له أكثر من ودلالة،ذلك انه يأتي في سياق التعاون البناء الذي يربط بين جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ، واتحاد جامعات العالم الإسلامي ، ومركز أخلاقيات التعليم العالي والبحث العلمي، وهو فرصة هامة لتبادل التجارب والخبرات بين الباحثين والكفاءات من داخل الجامعة ومن خارجها وفي مختلف التخصصات، حول موضوع هام ،ويستاثر باهتمام البشرية منذ القدم لأن غياب الأخلاقيات ، أو ضُعفَها في أي مجال من المجالات، يؤدي الى عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع. والجامعة باعتبارها المشْتَلَ الأساسيَ الذي تتشكل فيه الكفاءات الوطنية في مختلف المجالات والتخصصات ، مطالبةٌ باستحضار البعد الأخلاقي في تكويناتها ونقاشاتها. لأن العلمَ وحدَه لا يكفي كما قال الشاعر حافظ إبراهيم:
وَالعِلمُ إِن لَم تَكْتَنِفهُ شَمائِلٌ ** تُعْليهِ، كانَ مَطِيَّةَ الإِخفاقِ
و”العلم بلا ضمير هو فقط خراب الروح”كما قال فرانسوا رابلي François Rabelais
“Science sans conscience n’est que ruine de l’âme”
واضاف الرئيس ، خلال هذا اللقاء بان جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، تعمل دوما على تأكيد البعد الأخلاقي في الممارسات العلمية ، والمهنية لدى أساتذتها ، وأطرها وخريجيها، لا سيما وأن برنامج التنمية المعتمد بها حاليا سطَّر في ديباجته مجموعة من القيم والضوابط المؤطِّرة للأهداف والممارسات والعلاقات بين الفاعلين الجامعيين. ومن هذه القيم على سبيل المثال:
- احترام الشخص وكرامته وأفكاره.
- المسؤوليةوالجدية والاجتهاد، والالتزام بالمواعيد.
- النزاهة والاعتراف بمساهمة الآخرين، ومنع تضارب المصالح.
- الإنصاف، والشفافية والمساواة في الفرص.
- التنمية المستدامة، والحفاظ على التراث. واحترام البيئة ، وغيرها من القيم.
واضاف ،بان الجامعة ، انخرطت جل المؤسسات الجامعية بشكل قوي في هذا التوجه من أجل بلورة ميثاق جماعي للأخلاقيات، يستوعب كلَّ متطلبات النجاح، لا سيما الخصوصيات الاجتماعية والثقافية للمحيط، وتحديات المجتمع والاقتصاد، ومتطلبات احترام القانون ومساطر تفعيله. من ذلك مثلا الميثاق الذي تعمل به الجامعة على مستوى سلك الدكتوراه، والذي يسعى إلى ضبط العلاقة بين الطالب والأطروحة والأستاذ المشرف ، حتى تكون مخرجات هذه العلاقة إيجابية لكل الأطراف.
وفي نفس السياق أُنشِئت في بعض المؤسسات ، خلايا بحث وتفكير متخصصة، مثل كلية الطب التي تشكلتْ بها لجنةٌ للأخلاقيات في العلوم الطبية، من أجل تتبعِ انتقاءِ مواضيعِ البحث الطبي والمصادقةِ عليها من جهة، و البثِّ في الحالات الصحية الشائكة التي تستلزم رأي الخبراء لاتخاذ القرارات المناسبة، وتنظيم تكوينات سنوية مركزة للمهنيين من جهة أخرى.
ويترأس الاستاذ مصطفى حيدة ، هذه اللجنة، وقد تفضل مشكورا بقبول عرض تجربة جامعتنا في هذا المجال في ندوة اليوم.
إن جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، بتَبَنِّيها لهذه القيم، وباختيارِها لموضوع هذه الندوة، لَتَقْتدي في كل ذلك بالتوجيهات الملكية السامية التي عبر عنها جلالته في خُطبه و رسائلِه الموجهة لمختلف القطاعات. ومن ذلك ما ورد في الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في فعاليات الملتقى الوطني حول الاصلاح الاداري يومي 29/30 اكتوبر1999، والتي شدد من خلالها جلالته على ضرورة وضعِ استراتيجيةٍ مندمجةٍ لدعم الاخلاقياتِ بالمرفق العام.
ومن ذلك أيضا الخطاب الذي ألقاه جلالته بالبرلمان، يوم الجمعة 10 أكتوبر 2014، والذي دعا فيه إلى اعتماد ميثاقٍ حقيقيٍّ لأخلاقياتِ العمل السياسي، بشكل عام، دون الاقتصار على بعض المواد، المدرجة ضمن النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان.
هذا بالإضافة إلى دعواته المتكررة إلى تخليق الحياة العامة في جميع القطاعات، لإيمان جلالته بأن دعم الأخلاقيات هو المفتاح الأساسي للتنمية، ولتعزيز الثقة بين المواطنين ومختلف المؤسسات.
وختم الرئيس كلمته، بكون برنامج هذه الندوة يلامس من خلال المداخلات ، أكبرَ قدرٍ ممكنٍ من التخصصات الموجودة في الجامعة، سواء في الآداب والعلوم الإنسانية، أو في علوم الهندسة، أو في الفلاحة والتغدية، أو في العلوم الطبية. هذه المداخلاتِ ستفتح أبوابا كثيرة للحوار من أجل تعميقِ النقاش في مختلف جوانب الموضوع، وإفادة الطلبة وعموم المتتبعين من مخرجات اللقاء.
وجاءت كلمة الدكتور عز الدين عمر موسى ،عميد مركز اخلاقيات التعليم العالي والبحث العلمي التابع لجامعات العالم الاسلامي ،لتؤكد التعاون المثمر بين جامعة فاس والمركز ،والتلاقح بينهما من خلال برامج هادفة تخدم قضايا البحث العلمي على كافة المستويات ،مشيرا الى ان موضوع الاخلاقيات هو موضوع مطروح منذ ان خلق الله البشرية ، ولا يمكن تجاوزه على الاطلاق ،لان المبادىء الأخلاقية يحب استحصارها في كل مناحي الحياة.
بعد ذلك انطلقت أشغال الجلسة العلمية المخصصة لهذا الموضوع ،والتي إدارها الدكتور عز الدين عمر موسى عميد مركز الاخلاقيات التابع لاتحاد جامعات العالم الاسلامي، وهي الجلسة التي شارك فيها الاستاذ عز العرب لحكيم بناني ،الذي تطرق إلى موضوع الاخلاقيات ،من خلال المفاهيم والمبادىء العامة ،فيما طرح الاستاذ محمد الخمسي سؤال الاخلاقيات في علوم الهندسة،اما الاستاذ عبد الله ابودرار من المدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس ،فتناول موضوع الاخلاقيات في الفلاحة والتغذية ،وختم الاستاذ مصطفى حيدا ،هذه الجلسة بموضوع تحدث فيه عن هيات الاخلاقيات الطبية في المغرب واعطى نموذج فاس كمثال في هذا الموضوع.